اتجاهاتصحف عالميةمقالات

فسادكم أصبح خارج التغطية المحلية

 

 

احذروا.. لم يعد فسادكم يُطاق، ومصير الدينار مهدد بالانهيار، هو ملخص رسالة واشنطن إلى الوفد العراقي الذي فاوض البنك الفيدرالي الأمريكي دون أن تُسفر المفاوضات عن نتائج تُرضي العراق.

 

في العراق تحوّل الفساد من شأن داخلي ومحلي إلى قلق إقليمي ودولي، بعد أن تخطى حدود العراق الجغرافية.

 

الفساد لم يعد ذلك الأمر الذي يمكن تعريفه بمجموعة من الأعمال المشبوهة التي يقوم بها أشخاص في السلطة لتحقيق مآرب ومكاسب خاصة بهم، بل هو مصالح دولية وأنشطة لتمويل وارتزاق دول.

 

الدولار الذي يخرج يومياً من العراق أصبح يذهب إلى الأصدقاء والأعداء في وقت واحد، فالجميع أصبحوا من زبائن الفساد في العراق، لعبة الكلمات المتقاطعة التي يُجيدها كهنة السلطة للبحث عن الكلمة المفقودة ربما تؤكد مقاصد الحديث.

 

جمال كوجر عضو اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي عندما تحدث عن وصول ملياري دولار إلى روسيا هُرّبت من العراق، لم يكن الحديث الأول، وبالتأكيد ليس الأخير في الاعتراف بفساد السلطة الذي تحوّل إلى دولي.

 

اقرأ أيضاً:

 

ما طرحه عدي العلوي رئيس تحالف الاقتصاد العراقي في فضائية عراقية عن تخصيص مليون برميل يومياً من مجموع صادرات العراق. التي تقارب الأربعة ملايين برميل، يتم بيعها إلى متنفذين وأحزاب ورؤساء كتل بسعر 10 دولار للبرميل الواحد. لتكون المحصلة ما يقارب من 15-20 مليار دولار تهرّب سنوياً إلى الخارج.

 

ربما يضع علامات استفهام كبيرة لتفسير جزء يسير من فساد ما يحدث في العراق، وعن المغزى الأمريكي من فرض الوصاية على الاقتصاد العراقي.

 

السلاح الذي يشترى بمال الفساد أصبح يوزع بالتساوي للمتحاربين. وهو ما ينذر بنتائج وخيمة تستدعي وأد هذا الاستفحال إلى خارج العراق. فإيران لم تعد البلد الوحيد الذي تستقر في خزائنها الدولارات المهربة من العراق.

 

نيكي هايلي تعلن ترشحها للانتخابات الرئاسية الأمريكية

 

في بدايات الحرب الأوكرانية – الروسية ظهرت مدرعات أوكرانية مباعة للعراق في شوارع كييف وهي تقاتل الروس. كان العراق قد تعاقد على شرائها عام 2009 بقيمة عقد تجاوز حاجز نصف مليار دولار. كتفرع من صفقة تعد الأكبر في تاريخ أوكرانيا. لتزويد العراق بـ420 مدرعة أوكرانية حين تسلم منها 88 مدرعة غير صالحة للعمل.

 

ليبدأ الفصل الأول من مشكلات الصفقة وحكاية من حكايات الفساد التي لازالت عالقة إلى الآن. رغم مطالبات الرأي العام وعدد من أعضاء البرلمان العراقي بفتح تحقيق بهذا الهدر. الذي يصوّر للعلن أكبر صفقة فساد في تاريخ تسليح الجيش العراقي. معلناً عن نفسه واقعاً يتجسد في شوارع دول وبلدان بعيدة عن وطن موبوء بالفساد وعجائبه وقدرته.

 

حينها كان السؤال الأكبر عن الدول التي ذابت فيها أموال الشعب المنهوب في بصمات لا تقبل الشك أو التأويل أن تلك الثروات حطّت في أغلب المساحات الجغرافية من الكرة الأرضية.

 

اقرأ أيضاً:

 

المفارقة المضحكة أن الشعب العراقي كان أول من اكتشف أن فساد بلده تخطى المحلية وانتقل إلى العالمية حتى قبل أمريكا التي اكتشفت أن الفساد في العراق ربما يساهم في تفاقم الأزمات وقد يفضي إلى حرب عالمية أو صراع دولي.

 

واشنطن استنتجت أنه من الواجب تحذير العراق من أنه أصبح ضمن منطقة الخطر. وأن الدولار الذي يجنيه من بيع النفط أصبح يصل إلى دول متصارعة وبلدان متحاربة.

 

والأغرب أن ذلك المال المنهوب بدأ يصل إلى جماعات إرهابية متطرفة. كما أفضت إليه بعض نتائج التحقيق من تعامل مصارف أهلية عراقية وتمويلها لمنابع الإرهاب مثل داعش الذي تتصدى له الدولة.

 

التحذير الأمريكي شديد اللهجة للعراقيين يوحي بأن الأمور لم تعد تحتمل التأجيل أو التأزيم. في ظل وضع دولي مأزوم ينذر بتداعيات حرب تلوح في الأفق قد تستعر في أي لحظة في المنطقة.

 

بعد عقدين من حكم العراق الذي أصبح مثل مغارة علي بابا التي تفتح بابها للصوص لحمل ما يمكن حمله. في حين يعيش شعبه أقسى حالات البؤس والفقر والحرمان، حقاً أيتها الديمقراطية الأمريكية ماذا فعلت بالعراقيين؟

 

 

 

سمير داود حنوش – العرب

المصدر
العرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى