اتجاهاتمقالات

أوكرانيا: العواقب غير المتعمدة

 

ماذا تفعل عندما تجد نفسك عالقاً في حرب لا تستطيع الانتصار فيها ولا حتى الخسارة؟ هذا هو السؤال الذي يواجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع دخول “عملياته الخاصة” عامها الثاني.

 

الجواب: أن تقوم بحيلة خداع بصري لإخفاء حقيقة أنك عالق ولا تستطيع التحرك في أي اتجاه بسرعة.

 

في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عزف بوتين وآلته الدعائية على وتر النصر بفضل “الجنرال شتاء”، الذي كان من المفترض أن ينتصر بمخالبه المجمدة.

 

وعندما لم يحدث ذلك، اشتروا بعض العناوين الإيجابية بإقالة قائدهم في أوكرانيا وإلقاء قائدهم العسكري الأعلى، الجنرال غراسيموف، داخل عرين الأسد، ومع ذلك. بات من الواضح الآن أن غراسيموف، البيروقراطي الذي يرتدي الزي العسكري، ويحمل على صدره العديد من الميداليات، ليس بصانع معجزات.

 

هذا هو السبب في أننا نسمع الآن نغمة جديدة من الكرملين تقول إن هجوم الربيع من المفترض أن يقدم لروسيا نصراً كاملاً على طبق من فضة، إن الفكرة الخيالية التي ترى أن الربيع، مثلما يحيي الطبيعة، قادر على إهداء النصر للجانب الذي يفضله؛ قديمة قدم تاريخ الحرب ذاتها.

في الحرب التي دارت رحاها في القرن الرابع عشر بين إنجلترا وفرنسا، اعتقد الملك الإنجليزي إدوارد الثالث أن هجوم الربيع سينهي الملحمة الدموية. فقد هزم الفرنسيين في “بواتييه” وأسر ملكهم، لكن الحرب الطويلة أبت أن تضع أوزارها.

 

في الحرب الأهلية الأمريكية، توغل سلاح الفرسان التابع للجنرال شيريدان في عمق “أراضي العدو” كجزء من هجوم الربيع للجنرال يوليسيس غرانت. ومنذ ذلك الحين، أصبح “القيام بعملية شيريدان” مثلاً عسكرياً، لكن الحرب بين الأشقاء لم تنته عند هذا الحد.

اقرأ أيضاً:

 

عام 1918، ظهرت نسخة ألمانية من هجوم الربيع الذي تحول إلى آلة للموت، لكن على نطاق وطني.

المأساة في أوكرانيا سمّها عملية خاصة إن أردت أن تسعد بوتين – تطورت إلى حرب موضعية صغيرة تتسم بالتقدم لمسافات صغيرة تدريجياً والتراجع. على نحو أقرب للحرب العالمية الأولى منه لحروب القرن الحادي والعشرين.

 

في الواقع، ظلت جبهة الحرب التي تأسست عام 2014، مع ضم روسيا لشبه جزيرة القرم وإقامة جيب انفصالي في “دونباس”. من دون تغيير إلى حد كبير، ومن غير المرجح أن يغير هجوم الربيع، الذي تدق الدعاية الروسية طبوله، هذا الوضع.

 

أمير طاهري – الشرق الأوسط

المصدر
الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقك بكل سهولة

زر الذهاب إلى الأعلى