اتجاهاتلبنانمقالات

لبنان تحت إدارة انتقالية للأمم المتحدة!

 

لم يعد أحد يناقش ما إذا كان لبنان يستحق أن يوصف “بالدولة الفاشلة”، يكفي أن نقرأ المشهد السياسي والاقتصادي والأمني جيداً حتى نعي درجة السقوط، والخطورة التي وصل إليها، لا شيء يوحي بالتعافي بل هناك حالة من الفلتان واللعب في الوقت الضائع، بلد بلا رئيس جمهورية، ورئيس حكومة بالتكليف، ورئيس مجلس بات يحكم منذ التسعينيات، وصراعات ومناكفات سياسية مع صباح كل يوم، تشبه حالة الليرة ونزولها المدوي مقابل الدولار الذي وصل إلى الـ 50 ألفاً، وهو رقم قياسي لم يكن أحد يتصور أن يصل إلى هذا المستوى.

منظومة سياسية فاسدة عاجزة عن إدارة الدولة، ولا ضوء في الأفق للخلاص، ولم يعد أحد يهتم من الدول الكبرى في المنطقة والعالم أو يتحرك لانتشال البلد من سوء الوضع الذي وصل إليه. كأنه سقط من الخريطة وبات عبئاً لا أحد يتحمل تبعاته ولا فساد منظومته الحاكمة والمتسلطة والجاثمة على صدور الطبقة المغلوب على أمرها، وأسميها الفئة الصامتة لا المستفيدة. لأن هناك فئات تتاجر بالدولار وأخرى بالكهرباء وثالثة بالأغذية ورابعة بالتهريب. بحيث صار لجزء كبير من هذا الشعب مصلحة في بقاء الفلتان والتسيب.

إذاً، كيف الخروج من هذا المستنقع؟ وما السبيل إلى عودة هذا البلد واستقراره؟ ومن أين يبدأ التغيير؟ جرّبنا وشاهدنا كيف أجهضت حركة (19 تشرين) المليونية عام 2019. وانتهت إلى انتخاب مجموعة من نواب التغيير، فتفرقت قواهم وتوزعت ولاءاتهم إلى غير ما كنا نتمنى ونشتهي؟ تدخلت فرنسا. ودول إقليمية والناس تنتظر كلمة السر أن تأتي من الخارج. كما درجت ثقافة الاستقواء بهذا التدخل في ظل عجز الطبقة السياسية المتحكمة بالطوائف وغير القادرة على التفاهم لإيجاد صيغة سياسية تنتشل لبنان من الكوارث التي أوصلته إليها.

اقرأ أيضاً:

 

 

لننطلق من حالة الفشل بإيجاد حل سياسي ومن الداخل اللبناني ونفكر وبصوت عال. ما الوصفة التي يمكن أن تكون مدخلاً إلى الحل؟ إذا استبعدنا فكرة “نظام الوصاية الدولية” لأنه يتعارض مع كون لبنان عضواً في هيئة الأمم المتحدة. وبالتالي لا ينطبق هذا النظام على الأقاليم التي أصبحت من الأعضاء. إذ إن العلاقات بينها يجب أن تقوم على احترام مبدأ المساواة في السيادة.

هناك فكرة طرحها رجل السياسة الأمريكي من أصل فلسطيني جيمس زغبي في “الجريدة” 11 يناير (كانون الثاني) 2023. مفادها أن تتقدم أطياف من المجتمع اللبناني وجموع من المواطنين بالتماس إلى الأمين العام للأمم المتحدة لإنشاء سلطة انتقالية تابعة للأمم المتحدة. يرأسها من ينوب عن الأمين العام، ويعهد إليها بحكومة قصيرة تكون مدتها ثلاث سنوات. والاستعانة بمجتمع المغتربين والكفاءات اللبنانية في الخارج يتنظيم وإجراء انتخابات جمعية تأسيسية لكتابة دستور جديد.

واستفتاء لاحق مشروط بإجراء انتخابات نيابية يكون فيها صوت واحد لكل شخص. فهل يبادر ما تبقى من أطياف هذا المجتمع للقيام بهذه الخطوة الإنقاذية؟ وهل هناك سوابق أُنشئت فيها إدارة انتقالية من الأمم المتحدة ونجحت فيها؟ الواقع يقول نعم، هناك سوابق يمكن البناء عليها أو الارتكاز إلى ما توصلت إليه. ومنها ما تم تحقيقه في تيمور الشرقية عام 1999. عندما أنشأ مجلس الأمن إدارة انتقالية بهدف ممارسة مساندة الإقليم على إدارة الحكم. وممارسة السلطتين التشريعية والتنفيذية لمهامها، وأصبحت تيمور بلداً مستقلاً عن إندونيسيا عام 2020.

اقرأ أيضاً:

 

 

حالة ثانية عندما أنشأ مجلس الأمن بعثة للأمم المتحدة في كوسوفو عام 1999. هدفها توفير إدارة مؤقتة أثناء إقامة مؤسسات الحكم الذاتي الديموقراطية والإشراف عليها. وحالة ثالثة يوم أنشأت الأمم المتحدة إدارة انتقالية في ثلاثة أقاليم في كرواتيا عام 1996. للإشراف على تجريد السلاح وعودة اللاجئين وتأسيس قوة شرطة وإدارة مدنية وأنجزت المهمة عام 1998. كذلك الحال عندما دعمت وأنجزت مهمة قيام نظام العدالة والاستقرار في هاييتي عام 2007. وفي كمبوديا عام 1991 لتنفيذ اتفاق باريس للسلام.

خلاصة الأمر، فلتتم الدعوة إلى قيام إدارة انتقالية تحت إشراف الأمم المتحدة وبطلب من مجلس الأمن مدخلاً للخروج من النفق المظلم الذي وصل إليه لبنان.

حمزة عليان – الجريدة الكويتية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى