
إلى أي حد وصل المأزق الروسي في أوكرانيا، وهل هو مأزق بالفعل أم أن الروس قادرون على قلب موازين القوى؟ إن أي حرب هي في نهاية المطاف أموال تحرق على الجبهات، واقتصاد ينزف وشباب يذهب سدى.
بلا شك أن “العقيدة” الروسية تلزم حاكم موسكو بالحفاظ على الفضاء الأمني الروسي الذي يبدأ من حدود كوريا الشمالية شرقاً إلى بولندا غرباً، لكن ما حصل خلال عام من الحرب الروسية الأوكرانية، يكشف عقليتين تفكران بطريقتين مختلفتين.
العقلية الروسية التقليدية التي تحارب بطريقة الأجداد في سهول سيبيريا قبل آلاف السنين، وبين الغرب “الأكثر خبثاً” والذي يتعامل مع القضايا بعقلية “تشرشل” الإنجليزية، والتي تتعمد إغراق الخصم وحشد الحلفاء وشرب السيجار على جثته، فهل تفعلها لندن وواشنطن مع موسكو كما فعلوها مع هتلر؟ من سينتصر ليست الدبابات ولا الرصاص، بل الدهاء الذي يدير حجر الشطرنج.
تستعد الولايات المتحدة الأمريكية وشركاؤها الغربيون خلال الأسابيع القادمة لإرسال حزمة من المساعدات العسكرية النوعية، هذا ليس خبراً جديداً بالتأكيد، فمنذ الأزمة والغرب منحاز تماماً للمعركة التي صنعها ضد الروس.
اقرأ أيضاً:
العواصم في أوروبا وأمريكا ليست في عجلة من أمرها، وليست حريصة على انتصار سريع في أوكرانيا، فهي تبقى في نهاية الأمر دولة شرقية. صادف أن سكانها يحملون عيوناً خضراء وشعوراً شقراء، لكنهم أبداً لا يحسبون ضمن الطبقة الأولى من سكان أوروبا الغربية وأمريكا. ولذلك لا يوجد مانع من تحويل أوكرانيا إلى مستوعب لحرب عبثية وتدمير بنيتها ومقتل الآلاف من شعبها. فهي البوابة الشرقية للسور الأوربي العظيم، وإغراق الروس فيها مصلحة استراتيجية طويلة المدى.
مستقبل الحرب الأوكرانية الروسية واضح جداً للغرب، فتكلفتهم لا تتعدى التخلص من أسلحة تملأ المستودعات. وعلى وشك انتهاء قيمتها العسكرية، وتوزيع الجهد والتكلفة على دول الناتو يساهم في تخفيف العبء المادي عليهم.