اتجاهاتمقالات

مرحلة جديدة في سيناء

 

 

بعد أن تم دحر الإرهاب فإن سيناء ــ خصوصاً شمالها ــ مقبلة على مرحلة جديدة، عناوينها الأساسية التنمية والبناء بديلاً لأخبار الإرهاب والتفجيرات والإغلاقات والقيود التي اضطرت الحكومة لها لمواجهة الإرهاب والإرهابيين.

 

نتذكر أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وخلال كلمته في عيد الشرطة يوم 23 من كانون الثاني الماضي، قال ما معناه، “هنعمل احتفالية في العريش ورفح والشيخ زويد حتى نعلن أننا قضينا على الإرهاب”.

 

ما سبق واحد من الأخبار السارة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد والعديد من بلدان المنطقة والعالم.

 

ولا يعقل أن تعلن الدولة أنها بصدد الاحتفال بنهاية الإرهاب إلا إذا كان ذلك قد حدث فعلاً على أرض الواقع.

 

ويوم الخميس الماضي، قابلت أحد المسؤولين فأكد لي أن “المرحلة المقبلة في شمال سيناء ستكون مختلفة. وأن ذلك ما كان ليحدث لولا وجود جيش مصري قوي تمكن من هزيمة الإرهاب”.

لا يدرك البعض الثمن الصعب الذي دفعته مصر ليعود الهدوء لسيناء إلى حد كبير وقبله لعموم مصر.

 

في 26 نيسان من العام الماضي، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي أن هناك 3277 شهيدا 12208 مصابين سقطوا في مواجهة الإرهاب بعد ثورة 30 يونيو 2013.

 

اقرأ أيضاً:

 

وأضيف من عندي، إنه بجانب هؤلاء فإن المجتمع بأكمله دفع ثمناً غالياً خصوصاً فيما يتعلق باستنزاف جزء من موارد البلاد كان يمكن توجيهه لمزيد من عمليات التنمية، ولو وجه لسيناء لحولها إلى منطقة مختلفة تماماً

 

نترك الماضي الأليم خلفنا ونتحدث عن الحاضر والمستقبل، وإذا قدر لنا تعمير سيناء بالصورة الصحيحة التي يتحدث بها المسؤولون فسيكون ذلك تطوراً اقتصادياً واجتماعياً مهماً وأيضاً لزيادة مناعة الأمن القومي المصري والعربي.

 

 

في هذا الصدد فإن القاعدة الأولى أنه لا يمكن الحديث عن تنمية سيناء إلا في وجود أمن واستقرار كاملين. ومن هذه الزاوية يمكن فهم لماذا استمر الإرهاب يحاول ضرب الاستقرار في سيناء طوال السنوات السابقة.

 

لمسألة ببساطة أن هناك قوى كثيرة ودولاً وأجهزة لا تريد لمصر أن تستقر. ولا تريد لسيناء أن تكون معمرة لأن حدوث ذلك يعني مزيداً من القوة الشاملة المصرية.

 

بالطبع، العامل الخارجي ليس هو العامل الوحيد في تشجيع الإرهاب، لكنه أحد العوامل المؤثرة. ونتذكر أنه بمجرد نجاح ثورة 30 يونيو 2013 شنت الجماعات الإرهابية سلسلة هجمات بالأسلحة الثقيلة على مواقع للشرطة والجيش والدولة.  وواصلت هجماتها المتنوعة ووسعتها لتشمل الأقباط وكنائسهم، والمسلمين ومساجدهم.

 

كما حدث في مذبحة مسجد الروضة التي راح ضحيتها 300 شخص خلال صلاة الجمعة، كما سعى الإرهابيون بكل الطرق لوقف أي عملية بناء أو تنمية في المكان. وكان المرء يتعجب: ما الذي يدفع هذه الجماعات لوقف بناء المنازل والمنشآت المدنية غير العسكرية؟!

 

قلت وقال غيري وأكرر، اليوم، أنه ينبغي علينا أن نحول سيناء بأكملها إلى مستوطنات بشرية كثيفة تمتلئ بالبشر والمزارع والمصانع. وإذا حدث ذلك فلن تتمكن أي جماعات إرهابية من الانتشار فيها، كما لن تحلم أي قوة خارجية بدخولها.

 

اقرأ أيضاً:

 

باعتبار أن عدد السكان فيها قليل جداً مقارنة بمساحتها التي تبلغ 60 ألف كيلومتر مربع ولا يسكنها إلا أقل من مليون شخص. قلة السكان تغري القوى الطامعة بالتربص وبالتالي فإن تعمير سيناء هو واجب الوقت.

 

أعرف وأدرك أن الأمر يتعلق أساساً بالموارد، خصوصا في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها مصر، وأدرك أن الحكومات المصرية ضخت الكثير في سيناء منذ العام 2013. ورغم ذلك فالمطلوب أن يظل تعمير سيناء في مقدمة الأولويات، وأن يتم اختيار المشروعات التي تخدم هذا الهدف.

 

علماً بأن الدولة المصرية حينما أنشأت الأنفاق تحت قناة السويس قبل سنوات قليلة، فإنها وضعت الأساس الأكثر أهمية لتعمير سيناء لأن هذه الأنفاق هي التي تربط الوادي والدلتا بسيناء وتختصر زمن العبور من وإلى سيناء في ست دقائق بدلاً من ست ساعات أحياناً عبر المعديات.

 

الدولة تحملت الكثير في السنوات الماضية في مواجهة الإرهاب، وأيضاً فإن أهالي سيناء الشرفاء دفعوا الثمن الأكبر من شهداء ومصابين وتعطيل حياتهم، والصعوبات التي واجهتهم بسبب القيود التي فرضتها محاربة الإرهاب. وبالتالي فإن من مصلحة الجميع ــ الحكومة والدولة وأهالي سيناء وكل المجتمع المصري ــ أن تتعمر سيناء خصوصاً في شمالها.

 

نحتاج إلى خريطة طريق واضحة وواقعية محددة المدة والأهداف وآليات التنفيذ لتعمير سيناء. وهو الشعار المرفوع منذ العام 1974 عقب نهاية حرب أكتوبر وحتى الآن، دون أن نحققه كما ينبغي.

 

 

عماد الدين حسين – الأيام

المصدر
الايام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى