اتجاهاتمقالات

سوريا والتطبيع مع تركيا

 

 

يبدو أنّ الوساطات التي تقودها كل من إيران وروسيا من أجل تطبيع العلاقات بين سوريا وتركيا، باتت تواجه شيئاً من عدم اليقين بالنسبة لدمشق التي تبدي حذراً وتمهلاً.

 

السبب، سنوات من الجمر تورطت فيها تركيا على الأرض السورية، واحتلال أراضٍ سورية ورفع العلم التركي عليها، ودعم الجماعات المسلحة التي تحتل محافظة إدلب السورية.

 

الموقف السوري واضح، حيث أكد الرئيس بشار الأسد في أول رد علني عن محاولات التطبيع السريع مع أنقرة: “أن التقارب مع تركيا بوساطة روسيا يجب أن يهدف إلى إنهاء احتلال أنقرة لأجزاء من سوريا”.

 

ومن جانبه قال وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، إن التقارب الكامل مع تركيا، يتطلب إنهاء وجودها العسكري في سوريا.

 

وأوضح المقداد، في مؤتمر صحافي السبت الماضي، عقب اجتماعه مع نظيره الإيراني الذي زار دمشق، أنه يتعين على تركيا إنهاء وجودها العسكري في سوريا من أجل التقارب الكامل.

 

مشيراً بوضوح: “لا يمكن الحديث عن إعادة العلاقات الطبيعية مع تركيا من دون إزالة الاحتلال”.

 

محمود عباس يدرس إجراءات الرد على التصعيد الإسرائيلي

 

وقال المقداد إن لقاء الرئيس رجب طيب أردوغان وبشار الأسد “مرهون بالقضاء على العناصر المتضاربة”. وحث وزير الخارجية السوري فيصل المقداد تركيا، على ممارسة “الإيجابية المطلقة”، لاستعادة العلاقات الطبيعية مع بلاده.

 

وفي تعقيب على فشل اللقاء الذي أرادته إيران من أجل جمع وزيري خارجية تركيا وسوريا. دوّن المحلل السياسي السوري إبراهيم علوش، في ما يشبه تبريراً للرفض السوري للوساطة الإيرانية:

“كما نراعي حساسيات الحلفاء الكرام عليهم أن يراعوا حساسياتنا. من احتلال فلسطين إلى حصار سوريا إلى الخليج العربي إلى ليبيا. ومن حق السوريين إبداء تحفظات على الرغبة التركية في تطبيع سريع للعلاقات بين البلدين. نظراً إلى أن تركيا لا تعترف بأخطائها التي ارتكبتها على مدار السنوات العشر الماضية. كما أنها تمارس سياسة العصا والجزرة مع السوريين وهذا موقف لا يمكن للقيادة السورية أن تقبله”.

 

وكان إبراهيم قالن مستشار الرئيس التركي قد ذكر: “إن تنفيذ عملية عسكرية برية في سوريا ما زال احتمالاً قائماً”.

 

وأكد أن أنقرة تواصل دعم المسار الذي بدأ نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي. حين التقى وزيري الدفاع التركي والسوري في موسكو.

 

اقرأ أيضا:

 

 

لكنه أضاف أن “شن عملية برية يبقى ممكناً في أي وقت، بناء على مستوى التهديدات”.

 

الرغبة التركية في مصالحة سريعة مع سوريا تدفعها مصالح سياسية بدرجة أولى.

 

من بينها سحب ورقة اللاجئين السوريين من المعارضة التركية التي تحرّض على ضرورة إعادتهم إلى بلادهم. كما أن الأتراك يريدون أن يضربوا بحجر واحدة عدة عصافير.

 

فهم يريدون التقارب مع سوريا لمجابهة الأحلام الكردية التي تغذيها أمريكا وإسرائيل في قيام دولة مستقلة تشمل أجزاء من كافة دول المنطقة التي يوجد فيها أكراد.

 

وهذا الحلم يجد دعماً عسكرياً مباشراً من قبل الولايات المتحدة التي تحتل كامل الجزء الشرقي من نهر الفرات وتستحوذ على نحو ثلث مساحة سوريا، حيث توجد موارد الطاقة الغزيرة.

 

كما تريد تركيا أن تثبت للعرب أنها راغبة في مصالحة جدية مع سوريا. وهو ما قد يفتح لها الباب لتواصل وتطبيع مع الدول الرافضة لموجة الربيع العربي.

 

والجميع يعلم أن مسار التطبيع بين القاهرة وأنقرة مازال يراوح مكانه على الرغم من لقاء السيسي و أردوغان.

 

وتسعى تركيا في ذات الوقت إلى إقناع الشريكين الروسي والإيراني بأنها جادة في التطبيع وأن السوريين هم الذين يترددون أو يغلقون باب التطبيع.

 

وهنا قد يجد وزير الخارجية التركي الذي يزور واشنطن في آخر هذا الأسبوع، ورقة ضغط جديدة يدفع بها السوريين إلى الاستجابة لمطلب التطبيع العاجل.

 

 

 

كمال بالهادي – الخليج

المصدر
الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى