اتجاهاتمقالات

رهان قديم متجدد في الأزمة اليمنية

في مواجهة التيارات العاصفة التي ضربت المنطقة العربية خلال العقد الأخير، شكّل “المشروع العربي” حائط الصد الأول الذي أفشل محاولات تفكيك مراكز الثقل العربي وتحويلها إلى بؤر صراع مستدام.

 

وقد كانت السعودية والإمارات في طليعة هذا المشروع العربي الفتي الذي أحبط سيناريوهات “الفوضى الخلاقة” التي كانت تقوم على فكرة تمكين الأيديولوجيا المتطرفة بكافة أشكالها. في سياق مخطط لتفكيك الكتل الصلبة والدول المركزية المستقرة، بغية إدخالها في أتون الفوضى والصراعات المحلية.

 

وبقدر ما ترك الدور السعودي – الإماراتي أثراً إيجابياً في وقف مسلسل تساقط أحجار الدومينو العربية، إلا أن هذا الدور خلف حقداً أيديولوجياً مستعراً ودفيناً لدى “المغامرين” المهووسين الذين أرادوا العبور إلى كراسي الحكم على جثث الدول التي عملوا على تفكيكها وتقويض أركانها.

 

في اليمن تبلورت ملامح المشروع العربي الناضج القائم على دعم استقرار الدول والتصدي لمغامرات الجماعات العقائدية المتطرفة. وكانت أوضح صور هذا المشروع تشكيل التحالف العربي الذي دعم الشرعية في اليمن وساعدها في إيقاف عجلة الانقلاب الحوثي التي أرادت ابتلاع كامل جغرافيا اليمن.

 

كما قاد التحالف مساراً موازياً لمواجهة الإرهاب بشقيه الحوثي والقاعدي، الأمر الذي خلق كثيراً من الخصوم لهذا التحالف الذي تحول خلال ثماني سنوات إلى أكبر حجر عثرة في طريق الجماعات الراديكالية المتطرفة في اليمن. بدءاً من الحوثيين، مروراً بالإخوان المسلمين ووصولاً إلى القاعدة وداعش.

 

اجتمع كل خصوم المشروع العربي للثأر من هذا المشروع الذي تجلى سياسياً وعسكرياً على هيئة “التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن” بقيادة السعودية ومشاركة دولة الإمارات الفاعلة والرئيسية في هذا التحالف الاستراتيجي الذي بات تفكيكه يتصدر قائمة أهداف كثير من جماعات الإسلام السياسي بشقيها السني والشيعي في المنطقة.

 

ومنذ بداية الحرب في اليمن بات الحديث عن خلاف بين أبرز فاعلين في التحالف الشغل الشاغل لمنصات الإعلام. التي تطابق خطابها التحريضي في سبيل كسب الرهان القديم المتجدد في الأزمة اليمنية.

اقرأ أيضاً:

 

والذي لا يكل ولا يمل أصحابه ولا المراهنون عليه من نشر الأكاذيب وضخ الشائعات ومحاولة تضليل الرأي العام. وخلق واقع افتراضي لصراع مزعوم بين دولتين تثبت الأحداث المتتالية أن تحالفهما الاستراتيجي يزداد رسوخاً وصلابة.

 

ومن يرصد طبيعة الخطاب الإعلامي الذي تصدره العديد من الأطراف اليمنية في سياق ما تزعم أنها مظاهر صراع بين السعودية والإمارات. لا يجد صعوبة في تفكيك عناصر هذا الخطاب المأزوم. الذي يدور في حلقة مفرغة من الشائعات والأكاذيب التي سرعان ما يتكشف زيفها وتتكشف أهدافها.

 

وهو نهج بدا منذ بداية الحرب في اليمن وما يزال مستمراً حتى اليوم بذات ملامحه القديمة وعناوينه المكررة.

 

والمثير للانتباه عند التوقف أمام خطاب التأزيم الحوثي – الإخواني المشترك الذي سعى للنيل من تماسك التحالف العربي. أن أطراف هذا الخطاب التقت عبر السنوات الماضية في مساحة مشتركة. كتعبير عن إرادة الأطراف الخارجية التي تتشارك معها في العداء للتحالف مثل المحور الإيراني والتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين.

 

وهو ما يفسر حالة الانسجام والتماهي بين خطابي الإخوان والحوثيين في اليمن. في ما يتعلق بالتحالف العربي والموقف من السعودية والإمارات.

 

وما يعطي إجابة فورية كذلك للتساؤل حول خلفيات انخراط منصات وأقلام غير يمنية في رهان الوقيعة بين السعودية والإمارات. والاشتراك في حفلات التأليب والتزييف الإعلامي تحت عناوين وشعارات مختلفة وبما يسمح به هامش المناورة المتاح أمام تلك المنصات والأقلام. التي تتلبس ثياب الوطنية حيناً وترتدي قناع الأيديولوجيا حيناً آخر.

 

صالح البيضاني – العرب

المصدر
العرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى