اتجاهاتصحف عالميةمقالات

الزلزال والعقوبات الغربية

 

 

على الرغم من الكارثة الإنسانية الهائلة التي خلفها الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا في السادس من فبراير (شباط) الحالي، إلا أن الخطاب الغربي في التعامل مع تداعيات هذه الكارثة جاء مرتبكاً ومتناقضاً أحياناً جراء العقوبات المفروضة على دمشق، قبل أن يبدأ رحلة البحث عن مخارج تبقيه بمنأى عن الوقوع في براثن الصراع الجيو سياسي.

 

كارثة بهذا الحجم، لم تكن تحتاج للكثير من التردد في الظروف العادية، ولكن الخطاب الغربي ظل يصّر على إعطاء الأولوية للسياسي على الإنساني، بقدر ما كان يخشى السقوط “الأخلاقي”، وهو ما دفع واشنطن إلى الإعلان عن تجميد مؤقت لبعض جوانب العقوبات المفروضة على دمشق، المرتبطة بالزلزال لمدة ستة أشهر، فيما اتخذت أوروبا موقفاً هلامياً يسمح لدول الاتحاد بإرسال مساعدات إلى سوريا عبر منظمات غير حكومية، من دون اتخاذ قرار محدد في هذا الشأن، وبعد أن ضمنت، بالطبع، عدم عرقلة واشنطن إرسالها.

 

وإذا كانت واشنطن واضحة في عدم إرسال أية مساعدات تمر عبر دمشق، وغلفتها بمساعدة الشعب السوري عبر “شركاء محليين”، منظمات غير حكومية، فإن الموقف الأوروبي جاء متناقضاً مع قرار المفوضية الأوروبية عقد مؤتمر للمانحين لمساعدة تركيا وسوريا في شهر مارس (آذار) المقبل، في وقت كانت الأولوية تقتضي الارتقاء إلى ما فوق السياسي وإرسال مساعدات عاجلة تسمح بإنقاذ حياة آلاف الأسر العالقة تحت الأنقاض.

 

اقرأ أيضاً:

 

وحدها الأمم المتحدة سارعت للمطالبة بعدم تسييس المساعدات، قبل أن تلحق بها روسيا والصين وبعض المنظمات غير الحكومية، على الرغم من أن دمشق استجابت للمطالب الأممية بتسهيل إيصال المساعدات إلى كل مواطنيها بما في ذلك المناطق الخارجة عن سيطرتها.

 

مشكلة الخطاب الغربي الذي حاول تجنب الانزلاق “الأخلاقي” أنه سقط فيه بالفعل، فالمساعدات الإنسانية والطبية وفرق الإنقاذ الغربية سرعان ما تدفقت على تركيا، لكنها، بصراحة، لم تصل إلى سوريا.

 

جنرال أمريكي يرد على صلة أجسام مجهولة بالكائنات الفضائية

 

كما رصدت أموال أوروبية وأمريكية باسم مساعدة الشعبين التركي والسوري. لكن الشعب السوري هنا يختزل بالسوريين الذين يعيشون في مناطق سيطرة فصائل معارضة. وإن كانت هناك حاجة ماسة لمساعدة هؤلاء، بينما يظل الغموض يلف المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.

 

اقرأ أيضاً:

 

مشكلة الخطاب الغربي تكمن في ازدواجية المعايير وإصراره على تكريس أولوية السياسي على الإنساني في التعامل مع تداعيات الزلزال. بينما الحقيقة هي أن الزلزل العابر للحدود لم يفرق بين سوري وآخر ولا بين سوري وتركي. وأن الكارثة والمعاناة أصابت الجميع.

 

وكي لا نستبق الأمور، في الحديث عن إعادة الإعمار، فإن ما يبدو واضحاً من الآن، أنها ستخضع للمعايير المزدوجة ذاتها. إذ هناك أموال غربية ومن البنك الدولي رصدت لمساعدة لتركيا حصراً، من دون أن تشمل سوريا المعاقبة. التي نسيها العالم، على حد تعبير مسؤول أممي.

 

ومع ذلك، فإن الحقيقة المؤكدة هي أن لا أحد في العالم بمنأى عن الزلازل والكوارث، لكن من المهم أن ترقى خيارات البشر إلى ما فوق الصراعات الجيوسياسية ليتوحد الجميع في مواجهتها.

 

 

يونس السيد – الخليج

المصدر
الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى