اتجاهاتسورياصحف عالميةمقالات

سوريا كانت الهدف وليس النظام

 

 

ليس صحيحاً القول إن حرب سوريا لم تحقق أهدافها لأن النظام السياسي الذي يترأسه بشار الأسد لم يسقط، من الصعب طبعاً إنكار أن إسقاط ذلك النظام كان هدفاً ولكنه لم يكن الهدف الوحيد.

 

ما من عاقل يمكنه أن يصدق أن مليارات الدولارات التي أنفقت في الحرب هي ثمن مقبول لرحيل الأسد عن السلطة.

 

والعاقل أيضاً لا يمكنه أن يصدق أن الدول التي أحرقت أموالها بنار الحرب السورية إنما فعلت ذلك من أجل عيون السوريين الذين يطالبون بقليل من الحرية أو دفاعاً عن الديمقراطية وفق الوصفة الأمريكية التي تم تجريبها في العراق وفشلت فشلاً ذريعاً.

 

في المقابل لو خيّر الشعب السوري بين أن يقبض تلك المليارات نقداً وبين رحيل الأسد لاختار المال وستر على نفسه بعد أن كان قد رأى بنفسه ما الذي حدث للعراقيين بعد الغزو الأمريكي.

 

هل كان المعارضون السوريون الرسميون الذين تصدروا المشهد “أقصد برهان غليون وجماعته” يعتقدون أن الحرب في بلادهم مطلوبة لذاتها ولا هدف لها سوى ما يمكن أن ينتج عنها من قتل ودمار وخراب وتشريد وانهيار القيم؟

 

لا أعتقد أن مفكراً بحجم غليون الذي تصدر المشهد المعارض لأشهر لم يدرك حجم الخطر الذي يحيط ببلاده وإلا فإنه لا يصلح أن يكون مفكراً ولا تستحق كتبه أن تُقرأ.

 

كان واضحاً منذ اللحظة الأولى التي تشكل فيها جسد المعارضة رسمياً أن الولايات المتحدة تقف وراء غزوة من نوع جديد تختلف عن غزوتيها في أفغانستان والعراق. ولو كان غليون في شك من أمره لما تجشم عناء سفرته إلى ما سمي بالمناطق المحررة ملثما بالكوفية.

 

اقرأ أيضاً:

 

لم تخف الولايات المتحدة أن سوريا ستكون الهدف بعد غزو العراق. ما حدث في العراق من عثرات دفع الإدارة الأمريكية بغض النظر عمَن يقودها إلى إرجاء غزوتها واللجوء إلى الخطة البديلة التي جاءت منسجمة مع أحداث ماسمي بـ”الربيع العربي”.

 

وكما صار واضحاً فإن تلك الحرب قد ضربت عصفورين بحجر واحد. أولاً دمرت سوريا بطريقة يصعب معها تخيل إمكانية إعادة إعمارها. وثانياً أحرقت مالاً عربياً فائضاً كان من الممكن استعماله في الاستثمار والتنمية داخل العالم العربي.

 

والحرب كشفت حقيقة أن الولايات المتحدة لا ترى مستقبلاً للمنطقة. إلا في ظل سيادة تيارات وأحزاب الإسلام السياسي. المعتدلة والمتشددة على حد سواء.

 

ألمانيا: الأوكرانيون لديهم حافز كبير للتدرب على الباتريوت

 

وما حكاية الحرب على الإرهاب إلا خرافة يراد منها تبرير الوجود العسكري الدائم في قواعد ثابتة أو متحركة.

 

كل الذين قاتلوا في سوريا كانوا إرهابيين. وهم يعملون في شركات أمنية تملك أجهزة الاستخبارات الغربية جداول بأسمائهم ومعلومات عن كل واحد منهم.

 

فمَن يبقى على قيد الحياة منهم يتم نقله بين مناطق الصراع بخفة عصفور. وليس ظهور عبدالحكيم بلحاج. وهو عضو قيادي في تنظيم القاعدة في ليبيا إلا دليلاً على أن الإرهاب ليس تهمة قاتلة دائماً.

 

عبر أكثر من عشر سنوات تم تدمير سوريا ولم يكن الزلزال الذي وقع مؤخراً إلا جزءاً ملحقاً بذلك الدمار.

 

اقرأ أيضاً:

 

لا تزال سوريا محاصرة وستبقى كذلك بالرغم من أن السوريين لا يجدون معنى اليوم لرحيل الأسد عن السلطة تلك مجرد دعابة سوداء.

 

فالأسد ونظامه وحزبه ليسوا هم المشكلة الآن، فالسنوات العشر الماضية بكل مآسيها كشفت أن الغرب. الذي يرى في هيمنة روسيا وإيران على جزء من التراب السوري احتلالاً لا يعترف من جهته بالسيادة السورية بديل أن القوات الأمريكية تحتل ثلث أراضي سوريا فيما تخضع المناطق التي تحكمها جبهة النصرة في الشمال السوري لحماية تركية.

 

الآن وغداً لن تعلن الدول التي أنفقت المليارات من أجل خراب سوريا عن ندمها ولن تعتذر عما فعلته.

 

ولكن التاريخ الذي يكتبه المنتصرون دائماً سيقول الحقيقة، حقيقة أن العرب عالجوا المسألة السورية بطريقة سيئة وهي الطريقة التي عالجوا من خلالها المسألة العراقية. وإلا ما معنى أن تطرد سوريا من مؤسسة الجامعة العربية ويبقى مقعدها فارغاً من غير صوت يقول وجهة نظر قد يحتاجها العرب؟

 

مرة أخرى خسر العرب واحدة من معاركهم حين ضحوا بسوريا بعد أن ضحوا بالعراق. سكبوا الزيت على أموالهم وأحرقوها من أجل هدف عبثي. فسوريا ومن قبلها العراق لن يعودا عربيين كما أنهما لن يشهدا أي نوع من الحياة الديمقراطية التي وعدت بها الولايات المتحدة. بل ستزداد الظلمة من حولهما وهو وعد التنظيمات الإرهابية.

 

 

 

فاروق يوسف – العرب

المصدر
العرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى