اتجاهاتالاتفاق النوويمقالات

كابوس يهدد العالم بليل دائم

 

 

في كل الضربات التي وجهتها إلى المنشآت النووية والحربية الإيرانية، حرصت إسرائيل على أن تقتصر الخسائر على المادة دون البشر، لم تعلن إيران عن سقوط قتلى إلا في ما ندر، غير أنها في الوقت نفسه ظلت متكتمة على حجم خسائرها المادية وهي بالتأكيد كبيرة جداً.

 

بعكس ذلك كانت الضربات الإسرائيلية التي توجه إلى مخازن الأسلحة الإيرانية أو معسكرات حزب الله (الإيرانية هي الأخرى) في سوريا لا تضع حداً فاصلاً بين ما هو مادي وما هو بشري، وقد سبق لإيران أن شيعت جنائز عدد من جنرالاتها قتلوا في سوريا.

 

وإذا ما كان العدو واضحاً في الحالة الثانية فإنه لم يكن كذلك في الحالة الأولى إلا تكهناً، وفي الحالين كانت إيران لا تهدد بالرد إلا عن طريق وكلائها الذين لا يملكون سوى أن يقوموا بعمليات إزعاج لإسرائيل مع الحرص التام على ألا ينتج عن تلك العمليات سقوط قتلى في الجانب الإسرائيلي، ذلك ما تخصصت به حركة حماس.

 

في كل الأحوال فإن أحداً في العالم لم يعتبر الضربات الإسرائيلية الموجهة إلى العمق الإيراني أو الأراضي السورية نوعاً من التصعيد، فالدولتان وإن لم تخوضا حرباً مباشرة في تاريخهما المعاصر هما في حالة حرب، تتقاطع فيها المصالح وتتضارب من خلالها الأهداف.

 

استفادت إسرائيل من حالة الحرب (عن بعد) في إضفاء قدر عظيم من الشرعية على ضرباتها العنيفة داخل العمق الإيراني وبالأخص أن تلك الضربات لم تؤد إلى سقوط قتلى مدنيين.

 

فما من دولة في العالم حتى تلك الدول الصديقة لإيران مثل روسيا أو الصين قد سبق لها وأن احتجت على ما صارت إسرائيل تعتبره حقها في الدفاع عن النفس.

 

اقرأ أيضاً:

 

لم يكن النظام الإيراني غبياً إلى درجة التورط في القيام بعملية رد مباشر تجسيداً لمبدأ التعامل بالمثل، كأن توجه إيران ضربات إلى منشآت شبيهة بمنشآتها المتضررة داخل العمق الإسرائيلي.

 

فإسرائيل بالنسبة إلى العالم ليست إيران، لا لأنها لم تعلن رسمياً حتى اللحظة أنها دولة نووية، بل لأنها من وجهة نظر الغرب دولة عاقلة في ذلك المجال فيما أثبتت إيران أنها دولة تُدار من قبل مجانين لا يتورعون عن ارتكاب الحماقات، صغيرها وكبيرها.

 

إسرائيل تدافع عن نفسها، ذلك أمر واقعي إلى حد كبير، وما يحق لإسرائيل يحق لكل دول المنطقة المهددة بالخطر الإيراني، ولو كانت تلك الدول تمتلك قدرة الردع التي تمتلكها إسرائيل لكان عليها أن تفعل ما تفعله إسرائيل بضمير مرتاح ومن غير أن يلومها أحد.

 

الأمم المتحدة: لجنة التوفيق بين قطر والإمارات أنهت عملها

 

الخطر الإيراني حقيقي فليس لدى إيران أي رغبة في أن تكون شريكاً في تدعيم السلام والأمن في المنطقة. ولا تخفي إيران رغبتها في الهيمنة على دول ذات سيادة من خلال مصادرة قرارها السياسي والسيطرة على اقتصادها. بل وأيضاً التدخل في صياغة المضمون الاجتماعي فيها.

 

فعلت ذلك في لبنان والعراق واليمن على نطاق واسع، لم يعد الشك فيه إلا نوعاً من البلاهة. وهي تزحف في سوريا لإقامة محميات تابعة لها.

 

ذلك ما فعلته، غير أنها لم ولن تكتفي بذلك، ولولا يقظة دول الخليج العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. لكانت إيران اليوم تفاوض العالم بلغة إمبراطورية تؤهلها لتركيع الغرب وإجباره على القبول بها عضواً في النادي النووي. الذي يمكن أن يفجره حضورها من الداخل.

 

اقرأ أيضاً:

 

الخطر الإيراني حقيقي وهو ما صارت دول العالم كلها على بينة منه. وليست روسيا والصين بعيدتين عن فهم المعاني المصيرية التي ينطوي عليها ذلك الخطر.

 

لم يصمت العالم في مواجهة الضربات الإسرائيلية إلا لأنه يدرك مدى أهمية إجهاض الحلم الإيراني. الذي يمكن أن يتحول إلى كابوس في أي لحظة.

 

وليس نوعاً من المبالغة القول إن ذلك الكابوس هو خلاصة الإرهاب الذي تسعى البشرية جمعاء لاجتثاثه من الجذور.

 

كان يمكن للشعوب الإيرانية أن تعيش متمتعة برفاهية لا مثيل لها وترف مثالي. لو لم ينفق نظام الملالي الجزء الأكبر من ثروات إيران في مجال التصنيع العسكري. وتطوير أسلحة الدمار الشامل وبضمنها المشروع النووي.

 

وهو ما يصح على العراق الذي نهبت أمواله من أجل تمويل مشروع الموت الإيراني. الذي يجسده الحشد الشعبي في العراق وحزب الله في لبنان. والحوثيون في اليمن والميليشيات الأفغانية والباكستانية والعراقية في سوريا.

 

تلك حقيقة مؤسفة لا يمكن إغفالها حين النظر إلى مستقبل المنطقة.

 

 

 

فاروق يوسف – العرب

المصدر
العرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى