اتجاهاتصحف عالميةمقالات

كعبة جديدة ودين جديد في السعودية والإمارات!

 

 

تتناقل وسائل التواصل الاجتماعي، العديد من الأخبار التي تتحدث عن بناء السعودية لكعبة جديدة، سيكون مقرها العاصمة الرياض، وأيضاً تدشين الإمارات لديانة جديدة في “بيت العائلة الإبراهيمية” بالعاصمة أبوظبي، مدعية أن الهدف من هذه المشاريع ضرب الإسلام، واستحداث طرائق جديدة للعبادة، مختلفة عما نزل في القرآن الكريم. وكل ذلك في سبيل “تغريب” المجتمعات العربية والخليجية، وهو المشروع الذي بدأ، ومسيرته مستمرة في الرياض وأبوظبي!

 

هذا “الهراءُ السمجُ” أعلاه، نموذج بسيط على “الأخبار المزيفة” التي تنشر عبر منصات: “تويتر، فايسبوك، إنستغرام، يوتيوب، سناب شات، وحتى تيك توك…”، حيث تجد أناساً يثرثرون مقدمين أنفسهم كمحللين سياسيين أو متابعين للشأن الديني، يحذرون الناس من “الفساد” الذي يُبيتُ لهم من قبل “الأنظمة المعادية” للدين في الخليج.

 

بحسب أكاذيبهم، التي للأسف تجد آذناً صاغية لدى شريحة من البسطاء والحزبيين والمؤدلجين، ويساهم في انتشارها الاستخدام السياسي لهذه “الأكاذيب” في حملة التشويه التي تقودها جماعات “الإسلام السياسي” ضد السعودية والإمارات، كون هاتين الدولتين الخليجيتين، هما الأكثر صرامة ضد “الأحزاب الدينية”، وقامت بتجريم الانتماء لحركات مثل “الإخوان المسلمين” و”حزب الله”.

 

ولذا، فهذه الجماعات تسعى لأن تصوبَ خطابها الخصامي ضد الرياض وأبوظبي، لعلم هذه التيارات الإسلاموية بمدى جدية هاتين العاصمتين في مواجهة التشدد؛ بل، وعملها المتواصل، أمنياً وسياسياً ودينياً وثقافياً، من أجل نقضِ السرديات المتشددة التي يروج لها المتأسلمون!

 

في زمن “اللايقين”، وسيل الأخبار الزائفة التي تأتي من كل حدبٍ وصوبٍ، وفي ظل استقطابات سياسية وأمنية حادة في الشرق الأوسط، تعيش جماعات الإسلام السياسي على الأزمات، التي من خلالها تسعى لأن يكون لها موطن قدم.

 

اقرأ أيضاً:

 

من هنا، تحاول في كل مناسبة أن تختلق قضية ما، وتتسرب عبرها إلى وجدان الناس ومجالسهم وأحاديثهم، وتدسُ أفكاراً ظاهرها الدفاع عن الدين، وباطنها السعي لتقويض أنظمة الحكم، وإشاعة ثقافة السخط والسلبية!

 

هذه الخطابات التي تمارسها جماعات “الإسلام السياسي”، نجدها ترتكز على “الأكاذيب”، وما نموذج حملاتهم التحريضية ضد مشروعي “المربع الجديد” و”بيت العائلة الإبراهيمية” إلا مثالٌ على البهتان الصريح!

 

“المربع الجديد”، الذي أعلن عنه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في شباط (فبراير) الجاري، هو مشروع يهدف لـ”تطوير أكبر داون تاون حديث عالمياً في مدينة الرياض”، وهو “سيعتمد في تصاميمه على تطبيق معايير الاستدامة ورفع مستوى جودة الحياة، ومن ذلك المساحات الخضراء، وتوفير مسارات للمشي، وتعزيز المفاهيم الصحية والرياضية والأنشطة المجتمعية.

 

أوكرانيا تضع شرطاً أساسياً لخطط إنهاء الحرب مع روسيا

 

كما يضم المشروع متحفاً مبتكراً، وجامعة متخصصة في التقنية والتصميم. ومسرحاً متكاملاً متعدد الاستخدامات، وأكثر من 80 منطقة للعروض الحية والترفيهية”. بحسب موقع “العربية.نت”، حيث “ستعمل شركة تطوير المربع الجديد على بناء أيقونة “المكعب” ليجسد رمزاً حضارياً عالمياً لمدينة الرياض”.

 

شكل “المكعب” هذا استخدمه الأصوليون للتصويب على المشروع، كونه جزءاً من “رؤية المملكة 2030”. وهي رؤية تروم التأسيس لدولة مدنية حديثة، يمارس فيها الناس حيواتهم من دون أي وصايات أبوية – دينية. وهو الأمر الذي يقوّض السردية المتشددة التي تتبناها التيارات الإسلاموية. ومن هنا، يأتي التصويب العلني في تكاذبه على مشروع “المربع الجديد” كجزء من الحرب على الرؤية. رغم أن أي مسلم في العالم، يعرف أن الكعبة في مكة المكرمة. وأن الملك سلمان بن عبد العزيز هو “خادم الحرمين الشريفيين”، وأن ادعاء بناء بديل للكعبة، ما هو إلا كذب وقح!

 

اقرأ أيضاً:

 

ذات الاستهداف السياسي، وتحديداً من “الإخوان المسلمين” تم تجاه “بيت العائلة الإبراهيمية” في الإمارات. فالمشروع أساسه البحث عن العيش المشترك بين الأديان السماوية الثلاثة: الإسلام والمسيحية واليهودية.

 

“البيت” الذي دشنه وزير الداخلية الإماراتي الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، ووزير التسامح والتعايش الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، خلال شباط (فبراير) الجاري. هذا البيتُ “يعكس رؤية الإمارات وقيمها لتلاقي الإنسانية وحوار الثقافات… مكرساً جهوده لتعزيز التعايش السلمي للأجيال القادمة. ومستلهماً مبادئ وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها قداسة البابا فرنسيس. وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب في أبوظبي عام 2019”.

 

فلسطين.. انتفاضة تلوح في الأفق

 

“بيت العائلة الإبراهيمية” الذي سيستقبل الزوار في مطلع آذار (مارس) القادم. يضم ثلاث دور عبادة: “مسجد فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، وكنيسة قداسة البابا فرنسيس، وكنيس موسى بن ميمون”. أي أن كل مؤمن سيصلي وفق دينه في المكان الذي يمارس فيه شعائره التعبدية. من دون أن يعني ذلك أن ثمة ديناً جديداً سيولد من رحم الأديان الثلاثة!

 

هذه “الإشاعات الكاذبة” التي تدعي أن ثمة ديناً جديداً، وكعبة جديدة”، رغم كونها مضحكة من جهة. وتشير إلى مدى سطحية من أطلقها. إلا أنها مؤشر إلى مدى ضراوة “الأخبار الملفقة” وحجمها الهائل في الحملات الإعلامية الموجهة ضد السعودية والإمارات.

 

وهي حملات رغم أهمية التنبه لها، إلا أنه يجب أن لا تشغل المسؤولين والمجتمع المدني والنخب المثقفة. عن مواصلة الطريق نحو “التنوير” و”المدنية” وترسيخ قيم الدولة الحديثة، وتعزيز مبادئ التعددية واحترام القانون. وكذلك التنمية وصناعة التقنية، لأن هذه القيم مجتمعة، هي نقيضُ التفكير الإسلاموي. وهي ما ستجعل الخطابات الدينية الماضوية، ذات تأثير ضئيل وعلى شريحة محددة من الناس، تتناقص يوماً بعد آخر!

 

 

حسن المصطفى – النهار العربي

المصدر
النهار العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى